Saturday, August 7, 2010

السيدة العذراء والأقباط


بقلم عصام نسيم
هناك علاقة وطيدة وقوية وجدت بين السيدة العذراء والشعب القبطي ترجع هذه العلاقة حتى قبل تجسد السيد المسيح له المجد ومجئ العائلة المقدسة إلي مصر لتباركها تبارك شعبها وأرضها وكنيستها العتيدة ان توجد .
ترجع العلاقة إلي نبؤة النبي اشعياء حيث قال : وحي من جهة مصر.هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم الى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها اش 1:19
وقد فسر الآباء أن السحابة الخفيفة هي العذراء آم النور التي حملت رب المجد في مجيئه الي مصر وهي كالسحابة في مجدها ألسمائي ونقاءها وسموها .
وبالطبع تأتي زيارة العائلة المقدسة الي مصر هروبا من الطاغية هيرودس فلم تجد العائلة المقدسة بلد أكثر إيمانا وأمنا عليهم إلا مصر وأيضا جاء السيد المسيح مع أمه العذراء والقديس يوسف النجار كبركة كبيرة لهذه البلد وبركة للكنيسة القبطية التي ستكون كنيسة قوية تدافع عن الإيمان المستقيم على مدار تاريخها ضد اي انحراف إيماني أو بدع أو هرطقات .
أيضا ارتبط الأقباط بعلاقة وثيقة بينهم وبين العذراء حيث أنهم اعتبروا أن السيدة العذراء أم حنون وشفعيه مؤتمنه عند ابنها رب المجد لذلك كثيرا ما كانوا يلجئون إليها في وقت المحن والشدائد لترفع صلواتها وشفاعتها عن ابنها ليرفع البلاء عنهم والتاريخ يشهد لنا بحوادث كثيره كانت السيدة العذراء خير معين للأقباط في شدائدهم ولعل حادثة نقل جبل المقطم من أشهر الحوادث حيث بشرت الأنبا ابرام ابن زرعه باستجابة صلواته وصلوات وصوم الشعب القبطي ليتمجد الرب ويصنع معجزة نقل جبل المقطم .
ولعل ظهورات العذراء علي مدار التاريخ في الكنيسة القبطية منذ التاريخ القديم والي أيامنا الحالية تؤكد لنا مقدار عمق هذه العلاقة فكثيرا ما ظهرت السيدة العذراء للأقباط لتفرح قلوبهم وتقوي إيمانهم خصوصا في أوقات الضيق ولعل من أشهر الظهورات الحديثة ظهوراتها في الزيتون 1968 وشبرا 1986 وأسيوط 2000 وفي العام الماضي في الوارق ظهورات نورانية شاهدها العالم كله يمجدون اسم الرب ويعطون الطوباوية للعذراء ام النور .
وتعتبر كنيستنا القبطية من أكثر الكنائس التي وضعت التسابيح والتماجيد للسيدة العذراء فالكنيسة القبطية تصوم صيام باسم السيدة العذراء وهناك صلوات تقام سنويا في شهر كيهك الذي يسمى بالشهر المريمي نسبح الرب ونمجد أمه العذراء ونتذكر الخلاص الذي صنعه الرب بتجسده من العذراء مريم ونطوب ونمجد السيدة العذراء فيه كذلك هناك الذكصولجيات والتماجيد المتنوعة وفي التسبحة اليومية أيضا نتذكر فيها ام النور ونطلب شفاعتها القوية عند ابنها ومخلصنا يسوع المسيح .
والجميل في كنيستها انها عندما كانت ترد علي البدع والهرطقات التي كانت تحارب مكانة العذراء مريم أو أنها ليست ام الله المتجسد كانت ترد بالتماجيد والتسابيح الروحانية التي نصليها نسبح الله فيها ونعترف بتجسده من ام النور ونعترف بأنها والدة الله المتجسد لخلاص البشر فالتماجيد وضعت في كنيستنا للتسبيح وأيضا للرد علي اي فكر منحرف او غير سليم يخالف إيماننا .
والأقباط أيضا يحتفلون سنويا بصوم السيدة العذراء وهو الصوم الذي

يبدأ في 7 أغسطس وينتهي في 22 أغسطس وهذا اليوم هو الذي تأكد فيه الرسل القديسون من صعود جسد ام النور الي السماء وهو 16 مسري فصعود العذراء قد تم في اليوم الثالث من نياحتها يوم 21 طوبه

وقد رأي الآباء الرسل بعيونهم في هذا اليوم, جسدها,بعد فترة صوم وصلاة.فتحقق بهذه الرؤيا العينية وعد المسيح لهم بذلك. فصار صعود جسد العذراء إلي السماء, حقيقة مؤكده تؤمن بها كل كنائس العالم وكل المسيحيين في العالم كله بمختلف مذاهبهم وكنائسهم

وهناك راي يقول ان ذلك,الصوم المعروف بصوم العذراء,والذي ينتهي بعيد صعود جسدها إلي السماء, قد صامه الآباء الرسل, تلاميذ المسيح, وفي نهايته تجلي لهم جسدها المقدس... ولابد أن العذراء مريم ذاتها قد صامت, في حياتها كثيرا,
فقد كانت بعد صعود الرب يسوع إلي السماء,تعاني آلاما كثيرة من اليهود الذين اضطهدوها,وأتعبوها بمضايقات متنوعة,وكانت هي تمضي إلي قبر ابنها وحبيبها تتعبد وتصلي,وكذلك كانت تصنع فترة ما في الهيكل (أعمال الرسل1:14),وفي بيت الرسول القديس يوحنا الحبيب الذي أخذها كأمر المسيح, وهو علي الصليب,إلي بيته,إذ قال له:هوذا أمك.ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلي خاصته (يوحنا19:27).

ولقد كانت العذراء مريم تقضي كل وقتها في العبادة والصلاة, وكانت تمارس الصوم,مكرسة كل طاقاتها لحياة التأمل الخالص. وقد أحبتها نساء وبنات وانضم حولها كثير من العذارى الذي فضلوا حياة التعبد والخلوة وعشقن حياة البتولية, والعفة الكاملة, تبعن العذراء مريم,واتخذنها رائدة لهن في حياة التأمل, والعبادة,والتكريس التام بالروح والنفس والجسد.
وقد تألفت منهن, بقيادة العذراء مريم,أول جماعة من النساء المتبتلات المتعبدات,عرفن بعذارى جبل الزيتون,عشن حياة الرهبنة بغير شكل الرهبنة,وكن يعتزلن أحيانا في أماكن هادئة بعيدة عن صخب الحياة وضجيجها, رغبة في الانصراف إلي الله, في تعبد خالص.

ولقد صارت هذه الجماعة معروفة في الكنيسة الأولي, حتى أن المعجبات من النساء والبنات بمثل هذه الخلوات الروحية,كن يلحقن بالعذارى العفيفات, ويمارسن صوم العذراء, بالتقشف والنسك,في تلك الأماكن الهادئة, ولربما كان هذا هو السبب في أن صوم العذراء تصومه الكثيرات إلي اليوم, بزهد ونسك كثير, ويمتنعن فيه عن أكل الزيت,علي الرغم من أن صوم العذراء ليس من أصوام المرتبة الأولي. بل وكثير من الرجال أيضا صاروا يصومون صوم العذراء صوما نسكيا بالامتناع حتى عن الزيت أي يصومونه علي الماء والملح

ولقد استمر نظام العذارى في الكنيسة المسيحية, وصار للعذارى في الكنيسة قسم خاص بهن يسمي خورس العذارى أو صف العذارى, وقد بدأ هذا النظام في الكنيسة الأولي, واستمر كذلك إلي ما بعد القرن الرابع(( ومعروف من قصة البابا ديمتريوس عندما وضع زوجته في بيت للعذارى وأيضا الأنبا انطونيوس الذي وضع أخته في بيت للعذارى حيث لم يكن بعد عرف النظام ألرهباني سواء للرجال او النساء)) وفي القرن الرابع دخلت كثيرات من المتبتلات أو المترملات في نظام الرهبنة, وصرن يعرفن بالراهبات,ومهما يكن من أمر فالعذراء مريم هي الرائدة الأولي لنظام العذارى وبالتالي لنظام الراهبات.

ومعروف أن صيام السيدة العذراء من أحب الاصوام إلي قلوب الأقباط والجميع يصومه كبيرا وصغيرا بكل حب وفرح لما من مكانة أم النور في قلوب الجميع .

وفي النهاية نطلب من ام النور السيدة العذراء ان تتشفع دائما من اجلنا أمام ابنها رب المجد و من اجل كنيستنا ومن اجل قداسة البابا شنودة الثالث وكل كنائس العالم وكل العالم أمين.

No comments:

Post a Comment